/ الفَائِدَةُ : (32) /

16/04/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / الْأَحْكَامُ الْعَقَلِيَّةُ على أَنْمَاطٍ / هناك مبحث ظريف أُشير إِليه في بيانات الوحي ، لكن لم يُتفطَّن إِليه في العقليَّات والمعارف الإِلٰهيَّة إِلَّا في الآونة الأَخيرة ، حاصله : أَنَّ الأَحْكَام العقليَّة علىٰ أَنْمَاطٍ أَربعةٍ : الأَوَّل : حُكْمٌ بديهيٌّ ـ يقينيٌّ ـ لقوَّة العقل العمليّ. الثَّاني : حُكْمٌ بدیهيٌّ ـ یقینيٌّ ـ لقوَّة العقل النَّظريّ. الثَّالث : حُكْمٌ نظريٌّ ـ ظنِّيٌّ ـ لقوَّة العقل العمليّ. الرَّابع : حُكْمٌ نظريٌّ ـ ظنِّيٌّ ـ لقوَّة العقل النَّظريّ. ومن الواضح : أَنَّ الأَحْكَام النَّظريَّة لا توازي ولا تُساوي في درجة الِاعتماد عليها الأَحْكَام البديهيَّة . / تفاوت الأَحْكَام البديهيَّة / وكذا تفطَّنوا ـ في الأَبحاث الحديثة ـ إِلى أَنَّ الأَحْكَام البديهيَّة في نفسها وفيما بينها علىٰ مراتبٍ وطبقاتٍ ، فابدهها : الأَوَّليَّات ، ثُمَّ الفطريَّات ، ثُمَّ الوجدانيَّات ، ثُمَّ الحسِّيَّات ، ثُمَّ التَّجريبيَّات ، ثُمَّ الحدسيَّات . والأَوَّليَّات ـ في نفسها ـ علىٰ مراتبٍ أَيضاً لتصل إِلى أَبْدَه الأَوَّليَّات ؛ الحقيقة والواقعيَّة المُطلقة ؛ الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقَدَّسة . وعلىٰ هذا قس سائر البديهيَّات ؛ فإِنَّها علىٰ مراتبٍ أَيضاً . وَلَكَ أَنْ تقول: إِنَّ البديهيَّات تنطلق من نقطة مركزيَّة، وهي الحقيقة الأَزليَّة والواقعيَّة الثَّابتة والمُطلقة ؛ الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ، ثُمَّ تبتعد عن ذلك المبدأ والمركز شيئاً فشيئاً لتصبح نظريَّة . وطابع الحُكْم النَّظريّ ـ سواء كان للعقل النَّظريّ أَو للعقل العمليّ ـ ظنِّيٌّ وإِنْ بدىٰ بلباس وصورة القطع واليقين ، فما يُقال : إِنَّ حُكْم العقل لا يُدانيه ريب مدفوع : فإِنَّ المقصود : إِمَّا كافَّة مراتبه ، أَو مرتبة خاصَّة. والثَّاني: لا يثبت المُدَّعىٰ. والأَوَّل : باطل ؛ لأَنَّ هيأة القياس وصورته ـ كما ثبت في علم المنطق والرِّياضيَّات وسائر العلوم العقليَّة ـ وإِنْ كانت تُفيد اليقين ، لكن لو كانت موادِّه ظنِّيَّة فلابُدَّ من الحكم بظنِّيَّة النتيجة ؛ لأَنَّها تتبع اخسّ الُمقدِّمات. بل الحال يجري كذلك في هيأة القياس وصورته وترتيبه ونُظمه ؛ وذلك عند ترامي مراحل الِاستِدلال ؛ فإِنَّه يدبّ ويتصاعد منشأ الخطأ والْاِحْتِمَال المُخالف، ومن ثَمَّ لا تكون النتيجة يقينيَّة ، بل ظنِّيَّةٌ أَيضاً وإِنْ كانت موادِّه يقينيَّة. وعصارة القول : أَنَّ العقل لَـمَّا كان علىٰ مراتبٍ وطبقاتٍ فكذا حُکمه . وصلى الله على محمد واله الاطهار